من مدرس متواضع في بلجيكا إلى قائد منتخب الأشبال المغربي لتحقيق لقب كأس العالم تحت 20 سنة في تشيلي 2025، يُمثل محمد وهبي نموذجًا ملهمًا للنجاح في عالم التدريب. قاد وهبي المنتخب المغربي لتحقيق فوز تاريخي بنتيجة 2-0 على الأرجنتين في النهائي، ليصبح المغرب أول دولة عربية وثاني دولة إفريقية تحصد اللقب بعد غانا في 2009.
مسيرة وهبي: من التعليم إلى القمة
- بدايات غير تقليدية: لم يكن وهبي، البالغ من العمر 49 عامًا، لاعب كرة قدم محترفًا. بدأ حياته المهنية كمدرس في بلجيكا قبل أن يتحول إلى التدريب، مُظهرًا شغفًا استثنائيًا باللعبة.
- أكاديمية أندرلخت: انضم وهبي إلى أكاديمية نادي أندرلخت البلجيكي في 2004، حيث قضى 17 عامًا في تدريب الفئات العمرية من تحت 9 إلى تحت 21 سنة. ساهم في تطوير مواهب مثل يوري تيليمانس (أستون فيلا)، روميلو لوكاكو (إنتر ميلان)، عدنان يانوزاي (إشبيلية)، وتشارلي موسوندا (تشيلسي سابقًا).
- إنجاز أوروبي: في موسم 2014-2015، قاد وهبي فريق أندرلخت تحت 21 سنة إلى نصف نهائي دوري أبطال أوروبا للشباب، متغلبًا على أندية كبرى مثل برشلونة وبورتو، مما أكسبه ترقية إلى مساعد مدرب الفريق الأول تحت إشراف بيسنيك هاسي.
العودة إلى المغرب
- تولي القيادة: في مارس 2022، عُيِّن وهبي مدربًا للمنتخب المغربي تحت 20 سنة، خلفًا لعبد الله إدريسي. واجه تحديات مبكرة، حيث فشل الفريق في التأهل إلى كأس أمم إفريقيا 2023، مما أثار انتقادات حول قيادته.
- صبر وتخطيط: رغم الضغوط، حافظ وهبي على منصبه، مركزًا على بناء فريق متماسك. أثمرت رؤيته في كأس أمم إفريقيا 2025، حيث بلغ الأشبال النهائي، ليضمنوا التأهل إلى مونديال تشيلي.
نجاح تاريخي في كأس العالم
- مسار البطولة: في تشيلي، تغلب المغرب على منتخبات قوية مثل إسبانيا، البرازيل، كوريا الجنوبية، وفرنسا قبل الفوز على الأرجنتين في النهائي بنتيجة 2-0. سجل ياسر زبيري هدفين حاسمين (12′ و28′)، بدعم من عثمان ماما، ليُظهر الفريق أسلوبًا متوازنًا بين الدفاع الصلب والهجمات المرتدة السريعة.
- أسلوب وهبي: يعتمد وهبي على أسلوب براغماتي، يسمح للخصوم بالسيطرة على الكرة بينما يُعاقبهم بهجمات مرتدة. فريقه يتميز بالتنظيم الدفاعي والسرعة الهجومية، بقيادة نجوم مثل عثمان ماما (أفضل لاعب في البطولة)، ياسر زبيري (هداف البطولة برصيد 5 أهداف)، وياسين جاسيم (موزع الإيقاع).
- استخدام بطاقة التحدي: في نصف النهائي ضد فرنسا، استخدم وهبي بطاقة التحدي (Challenge Card) لمراجعة قرار تحكيمي، مما أدى إلى احتساب ركلة جزاء لصالح المغرب. هذا القرار أظهر ذكاءه التكتيكي واستغلاله للتكنولوجيا الحديثة.
تصريحات وهبي
أعرب وهبي عن فخره بالإنجاز، مشيدًا بدعم جلالة الملك محمد السادس: “أشكر جلالة الملك محمد السادس على تمكيننا من عيش هذا الحلم. هذه فرحة عظيمة، انتظرنا سنوات لكسر هذا السقف الزجاجي”. واستلهم وهبي من مقولة كارلو أنشيلوتي: “الأسد يركض ليأكل، والغزال يركض ليتجنب أن يؤكل، كلاهما يركض للوصول إلى الهدف”، معبرًا عن نهجه العملي الموجه نحو النتائج.
تأثير الإنجاز
يُعد هذا الفوز ثمرة استثمارات الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، خاصة أكاديمية محمد السادس، التي أنتجت مواهب مثل ماما وزبيري. يؤكد وهبي أن النجاح يتجاوز الملعب: “هذه هي الصورة التي نريد تقديمها عن المغرب، الوحدة والتضامن التي رأيناها في مونديال 2022”. هذا الإنجاز يعزز مكانة المغرب كقوة صاعدة في كرة القدم، مع طموحات كبيرة لكأس العالم 2026 و2030.